الكفاية، القدرة والهدف التعلمي، أية علاقة؟
عبد الرحمان التومي
مفهوم الكفاية
* تعريف بيرونو Philippe PERRENOUD
يعرف بيرونو الكفاية بأنها " القدرة على الفعل بنجاعة داخل فئة محددة من الوضعيات، قدرة تستند إلى معارف لكنها لا تنحصر فيها (...) الكفايات ليست في حد ذاتها معارف، إنها تستخدم وتدمج وتعبئ معارف إعلانية وإجرائية وشرطية " وقد أشار في مؤلف آخر إلى أن الكفاية هي "قدرة الشخص على تعبئة موارد معرفية مختلفة لمواجهة نوع محدد من الوضعيات".
* تعريف روجيرس Xavier ROEGIERS
الكفاية حسب روجرس هي " قدرة الشخص على تعبئة مجموعة مدمجة من الموارد بهدف حل وضعية- مسألة تنتمي إلى فئة من الوضعيات"
* تعريف لوبوترف Le Boterf
وقد خلص لوبوترف إلى أن الكفاية هي "معرفة التصرف" تعريف بسيط يحيلنا إلى مجموعة من العمليات المعقدة والمتداخلة. فمعرفة التصرف تتجلى في القدرة على تعبئة وإدماج وتحويل مجموعة من الموارد ( معارف، قدرات، مواقف، تمثلات...) في سياق محدد من أجل مواجهة مشكلات أو إنجاز مهام.
- خصائص الكفاية
* لكل كفاية سياق (contexte) محدد، أي أنها لا تنمو ولا تتطور إلا في إطار سياق خاص يناسبها. ويكون هذا السياق مرتبطا بفئة من الوضعيات، تمكن من تعبئة الموارد الضرورية لتنمية وتطوير الكفاية المنشودة.
* بناء الموارد شرط أساس لاكتساب الكفاية. ويمكن أن تندرج ضمن مادة دراسية واحدة أو عدة مواد.
* الكفاية لا تتوقف عند حدود تحقيق أهداف معرفية، بل تتجاوز ذلك إلى اكتساب القدرة على تعبئة هذه المعارف وإدماجها لمواجهة وضعيات-مسائل جديدة ومتنوعة، ترتبط بالحاجات الفعلية للتلميذ.
* تكون الكفاية قابلة للتقويم تبعا للمعايير والظروف المحددة في نص الكفاية والتي تتيح، من جهة، التأكد من أن التلميذ قد حقق بدرجة متميزة الأهداف التعلمية المرتبطة بالكفاية، ومن جهة أخرى، أن التلميذ قادر على توظيف المعارف التي طورها في مجال تعلمه وإدماجها بفعالية في وضعيات جديدة ومعقدة.
في ضوء هذه الخصائص يمكن تعريف الكفاية كالآتي:
هي القدرة على الاستخدام الناجع لمجموعة مدمجة من الموارد (معارف، مهارات، مواقف/اتجاهات ) قصد مواجهة فئة من الوضعيات.
- معايير صياغة نص كفاية
بناء على مجموعة من النماذج المرتبطة بصياغة الكفاية يمكن القول: إن صياغة كفاية ما ترتبط بمجموعة من الشروط، أهمها:
- صياغتها بطريقة علمية ولغة سليمة.
- الوضوح والدقة، بحيث لا يختلف اثنان في تفسير نص الكفاية.
- الواقعية، بحيث تكون ممكنة التطبيق لارتباطها بالبرنامج الدراسي من جهة ومراعاتها مستوى التلاميذ ومحيطهم من جهة أخرى.
- الشمولية، بحيث تشمل جميع جوانب الشخصية، ولا تقتصر على مجال دون غيره.
- تكون ذات دلالة بالنسبة للتلميذ بحيث تمكنه من تعبئة موارده وتوظيفها لمواجهة مشكلات أو انجاز مهام ترتبط بحياته.
أما بالنسبة للعناصر التي ينبغي توفرها في نص الكفاية فيمكن تلخيصها فيما يلي:
- المحتوى التعليمي (المعارف والمهارات والاتجاهات والمواقف) التي نرغب من المتعلم اكتسابه كنتيجة للعملية التعليمية.
- المهمة المتوقع القيام بها بعد عملية التعلم والتي تعتبر دليلا على تحقيق الكفاية. وتتجسد هذه المهمة من خلال فعل مركب (معقد) مرتبط بسياق معين.
- الظروف أو الشروط الواجب توفرها في سياق المهمة المطلوبة والتي تشير بشكل ضمني إلى فئة الوضعيات المرتبطة بالكفاية.
- معيار الأداء المطلوب وهو المعيار الذي في ضوئه يكون الأداء مقبولا ( بشكل جيد، 5 إلى 10 فقرات، بنسبة 80%).
الجانب العملي:
أمثلة
- يكون التلميذ قادرا على إنتاج نص حجاجي قصير(من 5 إلى 7 جمل متناسقة) في وضعيات دالة تتعلق بأنشطة اجتماعية مختلفة.
- يكون التلميذ قادرا على إنتاج حوار شفهي بلغة سليمة في وضعيات تواصلية دالة مرتبطة بالحياة المدرسية.
- يكون التلميذ قادرا بشكل جيد على حل مسائل من الحياة اليومية تتطلب استخدام الضرب على الأعداد من 0 إلى999.
يمكن ترتيب هذه الكفايات حسب المعايير المقترحة في الجدول الآتي:
|
مهمة معقدة |
الموارد المطلوبة ( معارف، مهارات، مواقف) |
ظروف الانجاز |
معايير الانجاز |
كفاية 1 |
ينتج نصا حجاجيا |
- خطاب الحجاج - التدريب على التعقيب والتعليق - الدفاع عن وجهة نظر - الصيغ الخاصة بالحجاج: أرى أن، لا أوافق. . . ، أدوات التعليل والتوكيد، أدوات الحصر، صيغ التفضيل، إن وأخواتها، الشرط، إعراب المستثنى، المفعول المطلق. . .
|
أنشطة اجتماعية مختلفة |
- نص قصير - من 5الى7جمل - الجمل متناسقة |
كفاية 2 |
ينتج حوارا شفهيا |
- عناصر التواصل الشفهي، التفاعلات الكلامية(سؤال، جواب، أدوات الخطاب)، وضعيات الخطاب والتواصل المتنوعة(خطاب المساوي، خطاب الأدنى)، علامات التنقيط والاستفهام والتعجب، الجملة الاسمية، المفعول فيه، أنواع الاستفهام والتعجب، النفي والتأكيد، استخدام المعجم المناسب للمجال، النطق السليم ومراعاة النبرة الصوتية أثناء الكلام، حسن الاستماع والإنصات. . . |
وضعيات تواصلية دالة مرتبطة بالحياة المدرسية |
لغة سليمة |
كفاية 3 |
يحل مسائل |
- الأعداد من 0الى999: كتابة وتسمية وترتيبا ومقارنة. . . - عملية الضرب: المفهوم والتقنية. |
مسائل من الحياة اليومية |
بشكل جيد |
القدرة Capacité
● يعرف فيليب ميريو(PH. MEIRIEU) القدرة باعتبارها نشاطا ذهنيا ثابتا وقابلا للتطبيق في مجالات معرفية متعددة. ويستعمل هذا المصطلح كمرادف لمعرفة العمل (savoir-faire). ويؤكد ميريو في تعريفه على أن القدرة لا توجد أبدا في وضع خالص ويكون تمظهرها دوما مرتبطا بمحتويات دراسية.
● يشير فرانسوا لاسنيي (F. LASNIER) إلى أن القدرة هي "معرفة العمل. (Savoir-faire) وتتميز بالتعقيد وتدمج مهارات (معرفية، وجدانية، حسحركية واجتماعية) ومعارف إعلانية.
● أما القاموس البيداغوجي فيتعرض لمفهوم القدرة على النحو التالي: " القدرة هي معرفة مستعرضة غير قابلة للتقويم، تجمع بين مجموعة من الاستعدادات التي يستخدمها التلميذ في وضعيات مختلفة. نعبر عن القدرة بفعل مثل يتواصل، يحلل...الخ.
من خلال هذه التعاريف نستنتج ما يلي:
● القدرة استعداد داخلي يتحدد بما يمكن أن يؤديه الفرد.
● القدرة لا تتجسد إلا من خلال تطبيقها على محتوى دراسي.
● القدرة غير قابلة للتقويم.
مثال
- " القدرة على كتابة الحروف الأبجدية" قدرة بالنسبة لتلميذ السنة الأولى ابتدائي
- " حل معادلة من الدرجة الثانية" قدرة بالنسبة لتلميذ في نهاية التعليم الثانوي.
● أما الكفاية فتتجسد. في إطار عائلة من الوضعيات.
مثال
- إجراء مكالمة هاتفية باللغة العربية لا تتطلب استعمال مفردات متخصصة.
- يكون التلميذ قادرا على حل وضعيات- مشاكل مستقاة من الحياة اليومية تتطلب استخدام الأعداد من 0 إلى 99.
الهدف التعلميL'objectif d'apprentissage
الهدف التعلمي هو ممارسة قدرة على محتوى معين، يعتبر موضوع تعلم. والهدف المقصود هنا لا يندرج ضمن بيداغوجيا الأهداف الاجرائية، بل يشكل مرحلة من مراحل اكتساب الكفاية.
يمكن تصنيف الأهداف التعلمية تبعا لطبيعة القدرة الى معارف ومهارات ومواقف/اتجاهات
الجانب العملي
الكفاية "يكون التلميذ قادرا على حل مسائل مستقاة من الحياة اليومية تتطلب استخدام الأعداد من 0 إلى 999"، يمكن استنتاج القدرات التالية:
القدرة1: يكون التلميذ قادرا على كتابة وتسمية وتمثيل الأعداد من 0 إلى 999.
القدرة2: يكون التلميذ قادرا على مقارنة عددين في كتابات مختلفة باستعمال الرموز( <و>و=).
القدرة3: يكون التلميذ قادرا على ترتيب الأعداد من 0 إلى 999.
الأهداف التعلمية
القدرة1 " يكون التلميذ قادرا على كتابة وتسمية وتمثيل الأعداد من 0 إلى 999"،
تمكن من اشتقاق الأهداف التعلمية الآتية:
- أن يقرأ التلميذ أعدادا من 3 أرقام.
- أن يكتب بالأرقام عددا من 3 أرقام ممثلا على محساب.
- أن يمثل عددا من 3 أرقام على المحساب.
- أن يكتب العدد بالأرقام أو بالحروف أو على صورة مجموعة من مئات وعشرات صحيحة.
- أن يتعرف موقع الرقم في العدد المكون من 3 أرقام.
- أن يكتب أعدادا مكونة من 3 أرقام مملاة.